الشتاء .
أعبرُ الشارعَ و الذي يليه . لا ترهبني الأضواءْ
و القمرُ صغيرٌ ، و الأرضُ معتمة ٌ كما السماءْ
و القمرُ نوره لا ينيرُ ، فكل الطريق ِ اختباءْ
و يقيني في الليل ِ صوتُ خطويّ ..
و مصابيحُ سيّارات ٍ ضوءها نحويّ .
أعبرُ الشارعَ و الذي يليه . فتختلطُ في أذني
أحاديثُ العابرين مساءً ، بضجّة الشارع العموميّ
و خطوهم يشبهُ خطويّ ، و قد باتوا الآن حذويّ
لكنيّ ما ميّزتُ فيهم صوت الرجل ِ من صوت النساء
ضحكاتهم ، سكناتهم .. رجفاتهم من بَرد المساءْ
" و كلامُ الباعة ِ أبلغُ من كلام ِالراصد ِ الجويّ . "
تُطالعني واجهة ُ محل ٍ ، بالقبّعات ِ و المعاطف ِ و الحِذاءْ .
و ما الربيعُ و الخريفُ و الأصياف تسكننيّ
لكنها الأشياءْ ..
الأثمارُ و الأزهارُ و الغصون الخضراءْ
و ورق ِ الشجر ِ يسحقه حِذاءْ
و عَرقُ الصيف ِ ، تسلّلَ فوق جبهتي كالماء
إلا الشتاءْ ..
هزّ عظميّ .
شدّ لحميّ .
ألهبَ بَردهُ حلقيّ ،
و جيبيّ ..
بأسعار ِ الدواءْ .
إنه الشتاءْ ..
أواجههُ وحديّ .
بسُبات ٍ طويل ٍ و شفاه ٍ تذويّ
في وضوح ِ لفافة ٍ بيضاءْ .
لعلّ بياضها يبددُ سوادَ حُزني .
أعبرُ الشارعَ و الذي يليه . بالمقهى المُضاءْ
أفرِشُ الجريدة َ على طاولة ٍ بكرسيّ .
و اسمعُ صوتَ النرد ِ يرويّ ..
قصة الأخشاب ِ و الألواح الجرداءْ .
زبونٌ يجلسُ على جنبيّ
ألحّ بالنِداءْ ..
و لفرط صبريّ .
قلبتُ الصفحة َ الأخيرة ، و لا أدريّ ..
هل بردُ الشتاءْ ؟ أم سطوعٌ في الأضواءْ ؟
صوّرنيّ إيّاها .. وحيدة ً في العَراءْ
تلكَ التي رافقتني .
و تركتني وحيداً ذات مساءْ .